جاءت فاجعة الموصل لتعزز القناعة الشعبية والسياسية بجسامة الخلل في آلية عمل الدولة، وفداحة الفشل الواضح في محاربة الفساد، الذي مازال يسيطر على مفاصل رئيسية من المنظومة الحكومية في بغداد والمحافظات.
إن ما وصلت اليه الموصل اليوم هو ناتج طبيعي لتلك المعطيات المتمثّلة اولا، بالسماح لتنظيم داعش الإرهابي بدخول المدينة بطريقة مشبوهة، والتي ترفض الحكومة العراقية إلى اليوم تفسيرها أو التعامل مع المتسببين بها وفق القانون من خلال تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة بالتحقيق في أسباب سقوط الموصل بيد داعش منتصف ٢٠١٤ الذي ظل حبيس الأدراج، ثم معركة تحريرها باختيار القائمين على ذلك أكثر الطرق تسببا بتدميرها وقتل الالاف من أهلها الأبرياء، من خلال سياسة الارض المحروقة، ليزداد الطين بلة بهدم مستقبل المدينة بعد أن دمر ملامح تاريخها الإرهاب.
وما حدث للموصل بعد التحرير كان لوحده فضيحة، فبدلا من ان تأخذها الدولة تحت جناحها الأبوي وتداوي جراح أهلها المنكوبين، وتعيد إعمارها، وفق خطط مدروسة، نجدها قد فشلت في انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض حتى بعد عام ونصف على تحرير المدينة، وهذا أمر مخجل وشائن وعصي على التبرير!
وترافق هذا مع فسادٍ كامل الأركان من قبل حكومة الموصل المحلية، موّهت عليه بشراكتها مع القوى الجديدة التي سيطرت على مقدرات المدينة، وفي مقدمتها المكاتب الاقتصادية التابعة لميليشيات تستغل اسم الحشد الشعبي، على مرأى ومسمع من الحكومة الاتحادية، بل إن اللجنة البرلمانية الخاصة بتقصي الحقائق في الموصل قد بينت تفاصيل ذلك.
إن المشروع الوطني العراقي يطالب بوضع خطة طوارئ إستراتيجية شاملة لمعالجات حقيقية ببنود تنمية أساسية عاجلة التنفيذ من أجل انتشال الموصل من واقعها المأساوي وإعمارها وإعادة النازحين إليها وتعويضهم والحفاظ على كرامتهم وإعادة ثقة المواطن بحكومته وتحرير الموصل الأسيرة ومواطنيها من رؤوس الفساد والمكاتب الاقتصادية المشبوهة.
الأمانة العامة
للمشروع الوطني العراقي